الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية 70 مرشحا لانتخابات الرئاسة : هذه مجموعاتهم و حظوظهم!

نشر في  26 سبتمبر 2014  (18:04)

على اعتاب قرطاج وغير بعيد عن قصر الرئاسة، تزاحم العشرات من المرشحين في مضمار الرئاسة. سياسيون ومستقلون..نقابيون وحقوقيون..نكرات ومتطفلون..شيوخ وكهول ونساء..الكل دق ابواب هيئة الانتخاب بضاحية البحيرة بالعاصمة.. ومن لم يسعفه الوقت او الحظ قفز من نافذة الهيئة او التفت الى عدسات الكاميرا متسائلا بعد فوات الاوان عن الوثائق الضرورية لللترشح للانتخابات الرئاسية. اما التصريحات الفورية للرؤساء المفترضين لتونس المستقبل فقد كشفت مدارك هذا وعرّت سوءات ذاك واضحكتنا عن خطاب ذلك.

انتصاب فوضوي اذن على طريق كرسي رئيس الجمهورية.. سبعون مرشحا بالتمام والكمال يراودهم حلم الرئاسة. كيف يفكرون؟ ماذا يحركهم؟ وماهي حظوظهم؟ الا يستحق ذلك خوض جولة في عقل مرشحينا الاشاوس؟ موقع الجمهورية اتصل بالباحث طارق بلحاج محمد الذي قدم قراءة تحليلية مستفيضة عن فوضى الترشحات لمنصب رئيس الجمهورية.

مجموعة الفاصل الفكاهي وسط مناخ انتخابي عابث

حتى بعد ايام من اغلاق باب الترشحات للانتخابات الرئاسية، لا تزال بعض الصور والفيديهات القادمة من مقر الهيئة المستقلة للانتخابات محل تندر العديد من التونسيين. لا يمكن التغافل عن مشهد التونسي رضا بن عيسى وهو يتحين الفرصة لدخول مكتب الهيئة، رغم اصرار الحراس على انتهاء موعد التسجيل. وفي غفلة من الكل يقفز المرشح من النافذة محاولا بل ومتلمسا من عون التسجيل قبول ملفه. ذات المكتب شهد تصريح المرشحة مفيدة العمدوني التي تلقفها الصحفيون لاقتناص تصريح حصري وفوري. السيدة العمدوني تفتخر بتمتعها بدعم امريكا وروسيا وفرنسا وتتأسف على ضياع كتابها الفريد الذي دونته ايام الدارسة بالباكالوريا، متهمة الرئيس المنصف المرزوقي بحرمانها من جائزة نوبل التي حملها اليها ذات الكتاب.. وبالمكتب ذاته طلع علينا البحري الجلاصي بصورة selfie مع العشرة ملايين التي تخلى عنها لاجل عيون الرئاسة..

ثم الم يقطع البعض ترحاله و هجرته ليعجل بالتسجيل ضمن قائمة المتنافسين على الرئاسة دون ان يستوفي الشروط؟ الم يقل اخر (عادل العلمي) انه سيدخل قصر قطاج ووراءه مليوني امرأة من العوانس في اشارة الى فتواه المطالبة بتعدد الزوجات؟ وهدد اخر ( الهاشمي الحامدي) بغلق مؤسستي الاذاعة والتلفزة حال تقلده منصب الرئيس؟ كل هؤلاء يعتبرهم الباحث الاجتماعي طارق بلحاج محمد مجرد "فاصل فكاهي وسط مناخ انتخابي عابث". انها المجموعة الاقل حظا في الفوز بالرهان الرئاسي. وهي متكونة من سياسيين ومستقلين و نكرات. منهم من لا يعرف عنه التونسيون شيئا. ولا يتجاوز رصيدهم واشعاعهم عائلاتهم و احيائهم وجهاتهم.. ويعتبرهم الاخصائي الاجتماعي مرشحين غير جديين، حتى بالنسبة لمن استوفى الشروط القانونية فانه يظل خارج اللعبة الانتخابية قبل ان يبدأها.

اما عن دوافع ترشحهم فمرتبط وفق الاستاذ طارق بلحاج محمد بالهوس بالرئاسة كمقام مقدس و رمزي في المخيال الجماعي. كل ذلك هو نتاج ما خلفته زعامة الرئيسين الاسبقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي من بهرج و مجد واساطير و غموض وريبة.

مجموعة الاكتوبريين : ثلاث سنوات من الحكم لم تروِ ظمأهم

نعني بالاكتوبريين ما تمخض عن انتخابات 23 اكتوبر 2011. وهم من المتنافسين الجديين على منصب الرئاسة. وفي هذا الشان يقول الاستاذ طارق بالحاج محمد : "لانهم ذاقوا لذة الحكم بعد عقود من الانتظار. ولانهم متعطشون للسلطة على غرار المنصف المرزوقي ومصظفى بن جعفر. فانهم متمسكون بعدم الاستقالة من مناصبهم وتوظيف المرفق العام في الحملة الانتخابية. ألا ينطبق عليهم المثل القائل "يأكلون مع الذئب و يبكون مع الراعي؟" ما يعني انهم يرفضون التنازل عن مزايا السلطة واغراءاتها وفي ذات الان يترشحون بعد ان وعدوا بالاستقالة. وفي ذلك قمة النفاق السياسي والاخلاقي، رغم انهم مرشحين جديين بالنظر لرصيدهم النضالي ولامكانية استغلالهم لمناصبهم وللمرفق العام خلال حملاتهم الانتخابية.

مجموعة الاحلام الكبرى والقاعدة الشعبية المحدودة

هذه المجموعة يرى فيها الاستاذ طارق بلحاج محمد الاقل حظوظا في المرشحين الجديين. إما لان مكوناتها مستقلون او لضعف امتدادهم الشعبي. وهم نواب وزعماء احزاب ونقابيين اكتشفهم التونسي بعد الثورة. ويتفاوت اعمارهم ورصيدهم النضالي من شخص الى اخر، بينما تجمعهم الرغبة في الحياة السياسية من الباب الكبير كقاسم مشترك على غرار حمى الهمامي ومحمد الحامدي وعبد الوهاب الهاني..

مجموعة الهوس بقصر قرطاج لتتويج المسيرة السياسية

بين من يراوده حلم الرئاسة ولو كان في اليقظة ومن لا يخفي تضحيته بالغالي والنفيس من اجل كرسي الرئيس ومن يحث خطاه المتثاقلة رغم تقدمه في السن، يلتفت بعض المرشحين الى ضاحية قرطاج وفي البال مطمح لا يكاد يخفت حتى تشتد جذوته من جديد. هو تتويج لمسيرة سياسية كما يفسر الاستاذ طارق بلحاج محمد، مشيرا الى ان "من يريد دخول التاريخ من باب رئاسته الاوسع، يحركه في ذلك هوسه بالعظمة وسعيه اللامحدود لطرح بدائل وافكار من قبيل تغيير اسم تونس على غرار الصافي سعيد. ومن يريد ان يدفن في جنازة رسمية مهيبة تليق بمقامه كالباجي قايد السبسي. ومن يريد ان يتمتع بجراية عمرية كرئيس بعد ان باع بيته مثل نجيب الشابي. هم كذلك مجموعة جدية لا يمكن الاستهانة بطموحها الرئاسي."

 مجموعة وزراء بن علي : حُلْمُ السُّلْطَةِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ

من بعيد، من خلف الزنزانات والمحاكمات، يعود فيلق اخر ليزاحم على الرئاسة. انهم وزراء بن علي ومسؤولوا النظام السابق. ترشحهم يفسره الباحث الاجتماعي طارق بالحاج محمد بسعيهم لاعادة الاعتبار لانفسهم بعد حملة الشيطنة والملاحقات والتهم التي وجهت اليهم بعد الثورة او لاحساسهم بضعف النخب السياسية التي افرزتها انتخابات اكتوبر 2011. حلم "الخلافة" الذي عصفت به الثورة لا يزال يراود سياسيين من قبيل كمال مرجان رجل المرحلة بالنسبة للأمريكان قبل ثورة 17 ديسمبر وعبد الرحيم الزواري رجل العائلة الحاكمة ايضا قبل الثورة. لقد توّفر المنفذ ليعودوا.

مجموعة صبايا عليسة

لاول مرة في تاريخ تونس، تدخل تاء التأنيث مضمار الانتخابات الرئاسية. اربع نساء مرشحات. وهو وفق طارق بلحاج محمد معطى جديد في المعادلة الانتخابية. العنصر النسائي لا يخفي رغبته في اختراق الثقافة السائدة والقناعة التي تربط وظيفة رئيس الجمهورية بالرجل وبالصورة النمطية الرجالية. فالفائدة حاصلة لا محالة في دخول المرأة حلبة التنافس بقطع النظر عن النتيجة النهائية للتنافس.

مجموعة المال والاعمال على مشارف قرطاج

هذه المجموعة الصغيرة من المرشّحين امثال سليم الرياحي ومحمد فريخة تعد من اخطر المنافسين على الرئاسية حسب تحليل الخبير الاجتماعي الذي يرى في توجههم الى قصر قرطاج اختصارا لتونس في شركة مفلسة يمكن شراؤها بالمال لادارتها في المستقبل لا كدولة بل كضيعة او شركة خاصة.

المطلوب من رئيس الجمهورية من منظور الباحث الاجتماعي طارق بالحاج محمد هو التحلي بصفات شخصية من قبيل الكفاءة والكاريزما والقدرة على القيادة والاصغاء والحوار والتجميع. ولو طبقنا هذه المعايير على اغلب المرشحين قبل العملية الانتخابية لسقط اغلبهم لانهم سياسيون وليسوا رجال دولة. كما ان الرئاسة عند جلهم هي عبارة عن حلم طفولة يريدون تحقيقه باي ثمن. وهذا وفق الباحث الاجتماعي بالحاج محمد مؤشر خلل في الثقافة السياسية السائدة وفي التصور وفي الرهاناتوفي الآداء.

محمد الجلالي